مصعد


في أبها ، 
الساعة الثالثة صباحا أوقفت سيارتي في أول الشارع ،  دلفت باب العمارة الكبيرة ، وفي الزاوية البعيدة خلف المكتب الصغير يرقد موظف الاستقبال اليمني ببراءة وهدوء ودعة ينتظر زبائن الساعات الأخيرة
أيقظته من النوم خطواتي الهادئة الكسلى وبدأنا في المساومة وانتهينا بالاتفاق على الايجار الشهري الذي  سيجدد في كل شهر حال رغبتي ، دخلت مباشرة وحشرت أغراضي في مصعد العمارة ونمت نوما عميقا عميقا .

لمدة ستة أشهر كل شهر آتيه بالمبلغ أو يطلبني المبلغ ، دون سندات ولا أوراق .. وتسير الحياة إلى اليوم الأخير حين أتيته مودعا إلى المطار ، وضعني صديقا أمام  . 

هنا ، نزلت من الطائرة ، وجدت نفسي مع الجموع في مسارات طويلة تشبه مسارات مصانع علب البلاستيك  . كعلبة بلاستيك سرت مع الجموع حتى قذفتني المسارات في وجه صديقي الذي ينتظرني . ومرة أخرى وجدت نفسي معه في مسار أكثر إنسانية حتى قذفنا المسار في سيارة أجرة تقلنا إلى المكان .

في الصباح بدأت بالبحث عن شقة مجاورة ، وجدتها غرفة واسعة أنيقة ، في الدور الواحد والأربعين بين السماء والأرض .. لكنني قبل أن أدخلها وجدت نفسي أوقع على عدد لا حد له من الأوراق والمستندات ، وعقود معقدة لا أدري إن كان هناك أي إنسان على هذه الأرض قد قرأها أو فكر بقرائتها .. وقعت مع تطمينات الموظفة أن هذا العقد لا يتضمن أي إشارة إلى إتلاف روحي أو إعدامي
وأنا أفكر أن أنهي أموري بسرعة فأنتهي من تأثيث شقتي المصون ، أتتني مجموعة من الأوراق الجديدة ألقيت أمام وجهي ، عن طريقة تفعيل الكهرباء والماء والإنترنت وإجراءاتها وعن أمر لطيف جميل جدا وهو ضرورة حجز المصعد قبل جلب أي أثاث ! أعدت السؤال عن هذه النقطة ظنا مني بأنني فهمتها خطأ .. لكن للأسف كانت كما فهمت.


وقتها تذكرت اليمني البريء النايم خلف مكتبه الصغير في ساعات الليل الأخيرة .

تعليقات

ضع بريدك هنا ليصلك ما ينشر في هذه المدونة من وقت لآخر..

* indicates required

الأكثر قراءة