المقارنات الخاطئة


انتشرت الأيام الماضية صورتان متجاورتان :
الأولى لشاب يقرأ بجوار فتيات متجردات أو يكادون وأخرى لامرأة محجبة تتعرض للتحرش . وهذا النوع من الالتقاطات السطحية يتبعها ما يتبعها من التعليقات والردود والهاشتقات وعبارات التحسر على أخلاقنا وقيمنا . وعندي أن وضع هاتين الصورتين متجاورتين لا يحمل أي معنى ، ولا أي دلالة إلا أن صاحب الفكرة لديه من السطحية الشيء الكثير ولايملك قدرة على التمييز أو المقارنة الصحيحة . وقل هذا عن كل من تفاعل مع الصورة وتحسر وتأثر ورثى حال المسلمين المنحرفين . 

مثال : لو أتيت أنا غدا بخبر عن فتى عربي عمره ١٥ سنة حقق مركزا متفوقا في مسابقة عالمية في الرياضيات ( خبر حقيقي ) ووضعت صورته الجميلة وهو يتسلم جائزه تميزه وتفوقه . ومباشرة أتبعتها بصورة فتى عمره ١٥ سنة اغتصب امرأة اربعينية في وسيلة للنقل العام وسط مدينة غربية مزدحمة ( خبر حقيقي أيضا ) .. وتركت الأمر مفتوحا . بالنسبة للكثير من العقلاء هذا الأمر لايعني سوى مقارنة ساذجة لاتدل على شيء ، لكن في المقابل ستأتي طائفة كبيرة من المتفاعلين على نوعين : 
الأول : سيتفاعل ويفرح ويبتهج وينشر الصور على وسائل التواصل الإجتماعي زهوا وفخرا . 
الثاني : كان يشارك الجمهور في التفاعل مع الصورتين الأولى ( صورة التحرش والتي معها ) ، وفجأة بلا شعور منه يستيقظ لديه العقل النقدي ويقول أن المقارنة هذه لا تدل على شيء ! .. وقد صدق في هذه لكن صدقا مدفوعا بعقدة النقص التي ترى أنه هو المنهزم دائما والضعيف دائما والمتخلف دائما .. إلخ .



ليس سهلا على العقل أن يبقى يقظا مستعدا ليطرح أسئلته أمام كل رسالة جديدة ، والرسائل اليومية خصوصا مع مواقع التواصل لاتعد ولا تحصى ، والحل في تصوري أن لا يستعجل الإنسان التفاعل مع المحفزات هذه ، وإلا وجد نفسه كل يوم جزء من جمهور يرى الأمور بطريقة مباشرة ويستقبل الرسائل كما هي ، سواء كان أميا أو دكتورا في المنطق . 

تعليقات

ضع بريدك هنا ليصلك ما ينشر في هذه المدونة من وقت لآخر..

* indicates required

الأكثر قراءة