قهوة ٢





أظن أنني شربت في السنوات العشر الماضية من أكواب القهوة وفناجينها ما لايحصى ، ما بين شرقي وغربي - الفنجان معربة من بنكان الفارسية - . 
الكابتشينو بأنواعها والسوداء بأنواعها : الأمريكية ، التركية ، الجبنة السودانية . وقهوتتا الشقراء العربية بلا شك ولا ريب
وما استطاع أن يصل إلى مراكز الشعور مهما بلغ من القسوة والتركيز عدا العربية إلا قهوة دلّني عليها الدكتور فوزي بابطين من مقهى شهير في كندا . فكنت أغدو عليه وأروح ، حتى صادفني أحدهم يوما بعد غدوة من غدواتي فسألني : هل أنت مسلم ؟ قلت : كما ترى ! فقال لي بلغته معاتبا : يا ابن الحلال حرام عليك ، كيف تشرب من هذه القهوة الظالم أصحابها وقد مزجوا بها من الكحول ما مزجوا. فتذكرت العرق وقصص العرق والبراميل الزرقاء ، فألقيت الكوب من يدي فزعا كالملدوغ . فلا أدري إن كان ما يصل إلى مراكز الإحساس والشعور هي القهوة أم الكحول . وغفر الله لهذا العابر فقد كان في ديننا للجاهل فسحة .
وهذه الاخيرة رغم استعانتها بظهير ، إلا إنها لا تبلغ معشار ما يبلغه فنجان أنيق تفيض القهوة العربية الشقراء من نواحيه ، ويُعبق برائحة الهيل وقليييييييل من " الزر والزعفران " ، ولو أدرك أبو نواس القهوة لما كان له خمريات . بل ربما لا يبالغ القائل إن أبا نواس إنما قصد القهوة قي كل خمرياته ، والفنجان في كل الأشياء الأخرى مما لا يُذكر

وقد كنا مجتمعين في منزل أحد الأصدقاء تدور علينا كؤوس القهوة وكانت حمراء من البلاستيك ، في أرض يعز فيها وجود القهوة وفناجين القهوة فدخل علينا أحد بني الأصفر فرأى الكؤوس الحمراء تدور ، وهو لا يعلم شيئا غير الحميا يدور ، فناولناه كأسا فشاركنا نخبنا الطيب قبل أن يرشف رشفة ثقيلة ، فتأوه لأنه لم يعلم قبل خمرة ساخنة وصرخ ( ش** ) ولو الحياء وحلول القهوة العربية لوضعنا له ( ش** ) بين عينيه .

تعليقات

ضع بريدك هنا ليصلك ما ينشر في هذه المدونة من وقت لآخر..

* indicates required

الأكثر قراءة