قهوة ١
قال لي الموظف : هل في حقيبتك أشياء عضوية ؟ . قلت : نعم ، تمر وقهوة .
قال : فقط ! . شعرت أن فقط هذه في غير مكانها ، وقد كان يستحق درسا لغويا وأخلاقيا حتى يفهم أن القهوة والتمر لعربي لا يسأل عنها بـ “ فقط “ . تسير الحقائب على سيرها البطيء المتكاسل بنغمته المملة الثقيلة وانا أقف ألاحق الحقائب بعيني الكسلاوين لعلني أقتنص حقيبتي ولكن بلا جدوى . مللت الانتظار فاخترت أن أدور حول المكان ، لكن قدماي ساقتني إلى الزاوية تلك وأمامها موظف المطار ، اقتربت منه وقلت له : حقيبتي خلفك بين هذه الكومة من الحقائب . قال لي : لايمكن هذه حقائب قادمة من رحلة أخرى . قلت : لكنني متأكد تماما أن حقيبتي خلفك . فأذن لي بالدخول باستغراب ودهشة فدخلت ومشيت حتى وصلت لحقيبتي التي نمت عليها رائحة القهوة التي تسللت من كيسها الكبير فملأت المكان برائحة زكية عطرة يعرفها ابن القهوة ، ما خطر ببالي أن أتأكد من رقم حقيبتي ووجود اسمي عليها لأن القهوة تطارد العربي أينما كان . جررت حقيبتي المضمخة بالقهوة ، العابقة بالهيل وسرت أعطر المكان وزوايا المطار بثقة عربي يسير وحيدا في قريته وصحرائه .. كنت أرى هالات مضئية من القهوة تطوف حولي ، شعرت أنني أطعن العولمة في نحرها بهذه الرائحة ولهذا بدلا من أنام بعد هذه الرحلة الطويلة ، قررت أن أصنع قهوة .. لكنني نمت وصحوت بعد أن احترق الأبريق.
تعليقات
إرسال تعليق
ضع تعليقك هنا