إلى الغارقين في الحلم، الهاربين من الواقع..



لم أعد أحفل بكثير مما يقول الناس ويكتبون في هذه الشوارع العامة وعلى هذه الأرصفة. بل ربما أصبحت أراها كما أرى الجداريات التي يصنعها أطفال الحارات القديمة في لحظات الملل. تلك الجداريات تُقرأ بعيون بلهاء دون جهد من عقل ولا فكر، ومع هذا قد تجذبك عبارة فلتت من أحدهم على حين غرة منه وجهل .. كل هذا الكلام هو زيف وإسهال كلامي لا قيمة له. كل هذه الأشياء قشور لا معنى لها ولا جوهر. هذه الأشياء هي عبء على اللغة والمعرفة، هذه الأشياء هي سيل جارف من “البيانات” الرقمية التي تملأ هذه العالم المقعد بلا إضافة. اقرأ أيها الجيل، اقض يومك هنا في هذه الشوراع، تسكع كما يحولك لك آناء والنهار، تسلل على موائد المترفين ومن يقضون حياتهم تشبها بالمترفين، نم هذه الليلة في منتجع جميل في زاويا هذه الكرة واقض احلامك فيه ثم استيقظ متذمرا من عالمك ومن حالك الذي لا يشبه حلمك الجميل في شيء، اركب السيارة الجميلة واليخت الفاره وأنت تمشي بملل تنتظر سيارتك المعطلة في الصناعية القديمة. اقرأ هذه الأوهام، تابع هؤلاء المرضى والمهووسين بالكاميرات، تلق هذا التدفق المعرفي الذي لاينقطع من السناب شات، ولاتنس أثناء ذلك أن ترى كيف يكون الحب والجمال في شوارع مانهاتن ولاس فيغاس، وكيف يمكن أن تقضي عطلة صيفية حالمة تمام كما يفعل نجوم هوليود. ابحث عن زوجك في عيون البغايا وملامحهم الحارقة، وفي أجساد الرياضيين الممشوقة المحقونة بالهرمونات، تعلم كيف لا تدري ما الفرق بين المعرفة وبين عزيف الجن وسجع الكهان، ولا بين الليل والنهار، ولا بين الوهم والحقيقة. 



مستقبلك مبهر ومليء بالأمل!

تعليقات

ضع بريدك هنا ليصلك ما ينشر في هذه المدونة من وقت لآخر..

* indicates required

الأكثر قراءة