رمضان وغوستاف لوبون





تتردد في خاطري دائما مقولة لغوستاف لوبون يشير فيها أن الجمهور ليس حاصل جمع الأفراد ، وأن الجمهور عندما يتشكل تذوب فيه شخصية الفرد وتظهر عقلية الجمهور لتتحكم في الفرد وسلوكه .. ويظهر هذا جليا في تاريخ الشعوب والحروب والثورات ، حين يقوم الجمهور بارتكاب مصائب وكوارث ما كان يمكن للفرد أن يفكر في القيام بها ابتداء لولا وجوده بين جمهور عريض ..
هذه الفكرة " اللوبونية" أراها أمامي كل يوم في شهر رمضان ، بين أفواج الصائمين في شوارعنا المزدحمة ، وتتكرر علي حال وقوفي بين صفوف ملايين الراكعين الساجدين في المسجد الحرام . إنها حالة من الاتفاق الجماهيري الكبير الذي حول الناس إلى مؤمنين ببدهية  فكرة ما وسهولتها، فوجدوا القيام بها أمرا طبيعيا جدا .. وهذا لسان حال معظم الناس قد يظهر على ألسنة بعضهم فيقول: ما دام كل هؤلاء يفعلون هذا فمن الطبيعي أن أستطيع فعل ما يفعلون ، فيذوب الفرد في الجماعة ويرى نفسه جزء من كل.

لا أشك أن القادرين من بين جموع الناس في المساجد على القيام بنفس الأعمال فرادى سيكونون قلة قليلة لا تذكر ! وهنا تظهر عظمة شعائر الدين في جمع الناس وإزالة الأوهام ، وتقوية الإرادة ، فضلا عن حكم الله الأخرى في تشريعاته عز وجل ، مما علمنا ومما لم نعلم . 



٢٣-٩-١٤٣٤ هـ 

تعليقات

ضع بريدك هنا ليصلك ما ينشر في هذه المدونة من وقت لآخر..

* indicates required

الأكثر قراءة