صلاة في لاس فيغاس

 



الصورة التقطتها في رحلة عابر لـلاس فيقاس


حوض سمك مليء بالحياة في الشمال منها ، إضاءة زرقاء خافتة تدعوك للإسترخاء. إنها غرفة أنيقة تستحق الاسم الذي أطلق عليها " meditation room ". خالية أغلب الوقت. وحين أجد فيها أحدا عندما أذهب إليها للصلاة أجده أبعد ما يكون عن التأمل. دخلت ككل يوم وقت صلاة الظهر، غرفة التأمل بإضاءتها الخافتة ، فتاة في صدر الغرفة تعبث بجهاز بين كفيها ، كل ما أراه بوضوح هو جهاز صغير ويدين تمسك به. قلت مستأذنا هل يمكن أن أصلي هنا ؟!  ردت بالإيجاب والتأكيد ،شكرتها وشرعت في صلاتي ، أنا اقرأ الفاتحة وهي تمطرني بعدد من الأسئلة، ثم صمتت، أشعرتني بالحرج وأنا أصلي. سلمت من الصلاة ، بادرتني .. " إنها رائعة .. لقد تابعت صلاتك كاملة .. هل هناك مشكلة في ذلك .. الحقيقة إنني أحببتها ! " ، 

أخبرتها أن هذه الصلاة واحدة من خمس أصليها كمسلم .. وأشعر بالسعادة معها .. 

هذه الحياة المليئة بالركض واللهاث والكدح .. جحيم لا يطاق دون هذه الدقائق من السكينة والهدوء ، وهؤلاء من حولي الذين يملأون المكان يتنافسون على الإنجاز والنجاح .. ما أجمل لو كانت حياتهم مضاءة بهذا التأمل الحقيقي الذي لا يحتاج غرف خاصة ولا حوض سمك ولا إضاءة خافتة .. يحتاج قلبا مؤمنا يحمد الله على هذه النعمة وهذه المنحة وأرضا طاهرة ودقائق قصيرة ! .. إنها واحات غناء في صحراء الحياة القاحلة ، نحن بدونها ظمأى .. حيارى تائهون .. نحن لا شيء بدونها .. 

ساعات قضيتها أسير في شوارع المدينة الصاخبة ، المزدحمة بالحركة والناس والعمران.. أشعر أنني سأختنق ، سأموت.

المادية هنا تطغى على كل شيء ، الصورة والمظهر هي الغاية هنا ومن أجلها تتدفق هذه الأعداد الهائلة ... جريا خلف المتعة المجردة والمال .. أشعر أن هذا المكان قطعة من العذاب ، يضيق صدري .. أجد زاوية هادئة أمام بناية تنشأ ، لا أقدام تطرق هذا المكان .. أتوضأ من علبتي الصغيرة ، .. أردد الأذان بهدوء ، أصلي ... أشعر أني رحلت إلى مكان آخر ، تزول كل السموم الجاثمة على صدري .. وأنصرف من الصلاة  شخصا آخر مختلفا  .. إي والله !




لاس فيقاس ١٤٣٣ هـ 


تعليقات

ضع بريدك هنا ليصلك ما ينشر في هذه المدونة من وقت لآخر..

* indicates required

الأكثر قراءة