العودة سائحا إلى أمريكا!



قلبت الصفحة الأخيرة من كتاب العودة سائحا إلى كالفورنيا لغازي القصيبي. لم يعجبني فيه إلا ثلاث صفحات أو أربع في آخره. وهو كتيب قصير جدا. اليوم أعود سائحا إلى أمريكا بعد سنتين من الغياب. قلت: سنتان؟. بل هي ثلاث أو تزيد. مرت سريعة جدا جدا. لا يصقل الإنسان مثل التجارب. ولا يعرفك بالحياة مثل تقحم زحام الحياة. ولا يعرفك بنفسك مثل كشفك لنفسك في المواقف. والناس كلهم صناديق مغلقة حتى يفتحها لك العمل والتنافس في الدنيا والتسابق على الحياة. ولولا التنافس ما أنكر إنسان من إنسان شيئا ولصافحتنا الملائكة في الطرقات. وأظن أننيتفقهتوأبصرتوأدركتمن أسرار الحياة وفهمها وفهم الناس في السنوات الثلاث الأخيرة ما لم أدرك قبل ذلك. وحينبلغ أشدهفهم حق الله عليه وفضل الناس عليه وواجباته للناس ولذريته من بعده. فقال: ”ربي أوزعني ان أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه. وأصلح لي في ذريتي إن تبت إليك وإن من المسلمين“. 

جالس في صالة الأعمال أحتسي القهوة. أنتظر اقلاع الرحلة. متأبطا مذكرات عزيز ضياءحياتي مع الجوع والحب والحرب“. قطعت قلبي صفحاته المئة الأولى. حزن على حزن، إذا أخرجت الفرحة من بين ركامه تلاشت فلا تكاد تراها. كعادتي في كل سفر. أصحب كتابا أو كتابين. وربما زاد العدد. ولا أنصحك أن تقرأ هذا الكتاب في فترة حزن او كآبة تمر بها نفسك. ومفارقة أن اقرأه وأنا جالس في صالة الأعمال. أحتسي القهوة بعد القهوة وأتخير أطايب الثمر والشكولاته. وكل مرة أجد نفسي في هذه الصالات=أشعر انني في سجن كبير. وربما أجد نفسي إذا طال الانتظار أخرج من هذا السجن للحياة والحركة والانطلاق خارج هذه الأسوار المذهبة. فأمشي وأتحرك وأبحث عن زاوية أجلس فيها وسط الزحام. مرغما الشعور الموحي بالتميز والاختلاف والعلو. أحتسي القهوة بعد القهوة وأشعر بتخمة بعد لوح من الشكولاته، ويتساقط أمام عيني المهجرون من المدينة إلى الشام. مات عبدالغفور بالحصبة. وداوود بالتيفيود. ثم مات الطفل الثاني بالكوليرا. والشيخ يهرب من الفقر ويقاتله في شوارع حلب. وعساكر السلطان تتهاوى أمام الكفار. وفخري باشا لا يسلم المدينة. وأنا هنا أكافح دموعي. جالس على أريكة ناعمة. وأكواب القهوة تتهاوى بين يدي واحدا تلو الآخر. العربات تمر في حلب تفيض بالجثث الممزقة للجنود والمرضى. والمقابر الجماعية تحفر أمام ناظري. وأنا هنا أحزن وأتأثر وأمسح دمعة متطفلة بمنديل رقيق. أحسو القهوة أسرع وأسرع وأسرع. وأقلب الصفحة التالية ويدي تتحسس القطعة التالية من الشكولاته


وصلت إلى مورقانتاون بعد رحلة طويلة. أصر أنس أن يأخذني من مطار واشنطن. أنس الحربي صديق من أصدقاء الغربة. من أذكى وألطف وأصدق من عرفت. تغيب عنه سنوات وتعود فتجد صاحبك الأول. تتشاركان الهموم والأفكار. وما ألذ تشارك الأفكار مع الأذكياء. أحيانا توهمك نفسك أنك جالس مع من يفهم فتبحر في أسرار نفسك، تبثها للناس، ثم في منتصف إبحارك تكتشف أنك اخطات خطأ كبيرا بفعلك هذا. تعيد السفينة إلى الشاطيء بأشرعة ممزقة. أخطأ السندباد الطريق هذه المرة. غادرت مورقانتاون ٢٠١٩ م. ولم أعد إليها من ذلك الوقت إلا اليوم. عقد من الزمان. تغيرت أشياء كثيرة في حياتي. تغيرت أنا كثيرا. أرتكبت أخطاء فادحة وارتكبت اخطاء صغيرة ووفقني الله لكثير من الصواب. عقد من الزمان؟ لا أكاد أصدق. ما زال ذهني يقول لي أن ٢٠١٦ م كان البارحة. غزا بعدها الشيب لحيتي. وغزا أجزاء كثيرة من شعر رأسي وأنا لست أنا. دائما نقول أن الزمان يمر سريعا والسنوات تسير كالريح. لكنني شعرت هذه المرة بقسوة المفاجأة الجديدة القاسية. لم يبق في مورقانتاون إلا القليل من الأحبة والأصدقاء. شوارعها تعرفني جيدا. في كل زاوية من زواياها ذكرى وقصة. المباني ما زالت كما هي لم تتغير كثيرا. المسجد مليء بالوجوه الجديدة. فُتح بين ذاكرتي وبين الزمن فتحا مبينا. فبدأت أسرد الأسماء لأصدقاء وأعداء ومعارف ومرضى. وإن الحياة لا تستقر على حال. مشيت أنا وأنس على Cheat lake ما يقارب الساعتين. أخذنا الحديث كل مأخذ. كان الجو أبرد من المتوقع وممطرا. دخل البرد أحشائي. ثم خرجت من مورقانتاون ولا أدري هل أعود مرة أخرى. دعني أقول لك: هذه المدينة صغيرة جدا. لاتصلح إلا لأولئك المسافرون إلى الداخل. المنسجمون مع الهدوء. المتناغمون مع الطبيعة. العاشقون للرتابة. الآلفون للاعتياد. المتفرجون على مسرح الحياة. ليست مثل واشنطن أو الرياض أو جدة. حيث الحركة لا تتوقف والأشياء تتغير والأحداث تتسارع. ولو اخترت مدينة مثالية لحياة هادئة لما اخترت إلا مثل هذه


أمريكا صعبة على الفهم ومستعصية على الإدراك. دائما أردد هذا لكل من يسألني عن أمريكا وتجربتي فيها. أمريكا ليست ما تراه في الأخبار كل يوم ، وليست دونالد ترامب وليست بايدن. وليست المشردون في الشوراع وليست وادي السليكون. وليست المساجد الممتلئة بالمصلين، وليست المثلية وقضايا الجندر، وليست التعصب المسيحي اليميني، ولا اليسار المتطرف. ولا الفضاء واحتلاله. هي خليط من أشياء كثيرة يصعب تصور أن تكون في مكان واحد أو في وقت واحد. خرجت في زيارتي القصيرة إلى بيتسبرغ فصلينا في المسجد الأول. المسجد اسمه هكذاالمسجد الاول“.  مكتبة المسجد مليئة بكتب ابن تيمية وابن عثيمين وابن باز وكتب الحديث. في زاوية المسجد يجلس مسلم من أصول أفريقية يقرأ الأصول الثلاثة لابن عبدالوهاب. في الزاوية الأخرى مسلم بملامح صينية يقرأ في كتاب آخر لم أنتبه له. بارات الشواذ لا تبتعد قليلا عن هذا المكان الطاهر. في آخر الشارع أمريكية بيضاء تقدم المعسلالهوكةوالشاي الأسود بالنعناع بمهارة عربي في إحدى شوارع الشام أو جدة. وتقول لي أن أمريكا يمكن فهمها؟

زائر لأمريكا هذه المرة في وسط الشحن الإعلامي حول التطورات الجديدة في تعامل أمريكا مع المهاجرين والمسلمين. بعض أصدقائي المتابعين للأخبار كان يتوجس مما قد ألقاه في مطار واشنطن. وصلت مطار واشنطن فلم يستغرق جوازي مع موظف الحدود الأمريكية أكثر من ثلاثين ثانية. أمريكا في الشارع كما هي رغم كل الضجيج والصراخ في الإعلام. أمريكا ليست ما تراه في الأخبار كل يوم. أمريكا شيء آخر مختلف. شيء يستعصي على الفهم


عد للأماكن القديمة. لكن تذكر أن الناس لن يعانقوك في الطرقات. لا ترفع سقف مشاعرك فقد تصدمك الوحشة ويسيطر عليك الاغتراب. لا أحد يعرفك. أنت رقم أتى وذهب. أنت رقم زائد أو ناقص في تعداد السكان. المدن لا تدري من أنت ولا في أي واد هلكت. عد للأماكن القديمة لتتأكد لك الفكرة. أنت لاشيء وإن الدنيا لا تحفل بك. لم يعلق أحدا لوحة يحتفل بوصولي حين ممرت بشارع جورج ميسون في أرلنغتون. لم تُطلق أبواق السيارات عندما قطعت شارع وسكونسن في جورج تاون. حارس الأمن أوقفني عند الباب عند مدخل المستشفى الذي كنت أقضي معظم يومي فيه. يسألني: كيف يمكنني أن أساعدك؟. بمعنى: ماذا أتى بك أيها الغريب. شرحت له فأعطاني ملصقا صغيرا عليه اسمي وصورة لا تدوم، وزيارة قصيرة لا تتجاوز الساعات. والأمريكان أكثر عملية في التعامل مع المشاعر. وليس في هذا الأمر ذرة ثناء. لن يتوقف أحد لتحيتك أو لدعوتك لكوب قهوة على عجل. الناس مطحونون في مكينة العمل والإنتاج. قابلت مجموعة من الزملاء في المستشفى. كان السلام باردا أبرد من الشتاء هذه السنة. السيداكسالممرض الذي كنت أقابله كل يوم ونتحدث في أشياء كثيرة. صافحني بطريقة بارد جدا. بعد ثانية من اللقاء بدأ يحدثني عن انجازات ترمب. لم يسألني عن حالي أو كيف تسير الحياة. سألته سريعا عن منتجاته الزراعية ماذا فعل الله بها. فعرض لي ما أنتج هذه السنة من طماطم وفلفل وكوسة وبامية. حدثني عن أحلامه الفنتازية بالالتقاء بفتاة أسيوية تصغره بعشرين سنة. مميز في افتزاز من حوله من الناس. البقية ذهبوا. نائب البرنامح أعتذر أنه غير موجود وأنه لن يستطيع مقابلتي الليلة. زيارتي للمكان كانت مفاجئة ولذلك لم أتوقع استقبالا يختلف عن هذا. نحن نشعر بالإلتزام حتى مع من لا نحب والغريب يتفاجأ بحفاوة الاستقبال التي نمنحها الناس بعفوية. لم أطل المكوث في واشنطن وانطلقت إلى بوسطن حيث حضرت الكثير من المحاضرات وقابلت شيخي مايكل تشوي. تعانقنا بحرارة. تحدثنا في أشياء كثيرة. كان يحدثني عن أشياء لم يكن يحدثني عنها أثناء الطلب. عن أسرته وأبنائه وعن تفاصيل شخصية لا يذكرها الأمريكان كثيرا. تحدثنا في مواضيع الساحة والتغيرات التي حصلت في أمريكا السنوات الأخيرة. ولم يكن يتحدث أبدا في السياسة قبل هذا أبدا. كل من قابلت من الأمريكان وجدته متوجسا من مستوى حرية التعبير في أمريكا والحريات الفردية. لم ألحظ شيئا مختلفا بل كان دخولي لأمريكا سلسا سهلا. والأيام حبلى بكل جديد


أنا في استغلاق شديد هذه الأيام. عقلي لايكاد يتحرك من مكانه. أشعر ببلادة شديدة. واستغلاق على الكتابة والتفكير وعلى الإنجاز. ”إنتاجيتيانخفضت بشكل هائل في الأشهر الأخيرة. أصارع نفسي على الكتابة والبحث والإنجاز فلا أكاد أنجز شيئا إلا حبوا. مكلف بعدة أعمال وبعضه اقترب أوانه وأنا عالق في وحل من التسويف والكسل والاستغلاق. اللهم افتح لنا فتحا من عندك. اللهم بارك فيما نملك. وزدنا من علمك وفضلك. لا تلكني إلى نفسي طرفة عين ولا أقل من ذلك. على هامش المدينة أنا. أتنعم بالصمت. وأحاصر نفسي بالجوع حتى يقرقر بطني. آخذ نفسي بالمشي حتى تكل قدماي. أسهر حتى تأخذ بي عيني. أنام حتى أجد ما يدعوني لليقظة. اقرأ حتى أمل. وأحاول أن أكتب فلا أجد من ذلك إلا آلام التفكير وشتات الخواطر. كل يوم يتبين لي أن الإنجاز يأتي مع الاستمرار. وأن الانضباط أساس الإنتاج. وأن الذكاء وحدة لا يصنع منك شيئا ما لم يصحبه الجد والصبر والإلتزام. وسلحفاة لا تتوقف أسرع من أرنب يقطعه الشتات. أفهمُ هذا جيدا، لكنه أمر صعب جدا جدا. ومعاناتي مع نفسي منذ سنوات أنني أحب في العلم أشياء كثيرة، وفي التخصص أشياء كثيرة ، وأحب السهر وأحب الصباح. ويعجبني الأدب والشعر وبعض الفقه وبعض الفلسفة. وتشدني القراءة في كتب الأصول والحديث. وأميل للفكر والسياسة والسير الذاتية. وأحب في تخصص الكلى غالب فروعه وأقسامه. ثم ماذا؟. تجد نفسك غارقا في أكوام من المهام والاهتمامات فلا أرضا قطعت ولاظهرا أبقيت. وأسأل الله الهداية والرشد والسداد.


فهمت اليوم سر انتشار محلات الدخان في أمريكا ووجودها في كل زاوية. وان تعجب فعجب أن تجد غالب من يملك هذه المحلات يمنيين من اليمن الشقيق الذي تعرف. قابلت يمنيا في المطار. فأغرقني بعفويته فتحدثنا قي كل شيء وعرفت من حديثه أن شريك مؤسس في عدد من محلات الدخان في أمريكا. ما اجرأأبي يمنعلى تقحم الحياة. أو ما أقسى اليمن على أبنائها فشردوا في الأرض يبيعون الدخان والسجائر الإلكترونية للأمريكان!. ولأنني لست منافسا ولا أرجو أن أكون منافسا يوما ما. نشر بين يدي الأرباح الشهرية والسنوية وهي أرقام يسيل لها لعاب أهل الدنيا. رزقنا الله الرزق الحلال وبارك لنا فيما نملك. والغربة تظهر لك لذة المواطنة والتناسب. ومن الطريف أنني اليوم قبل أن ألقى صاحبي اليمني في المطار وقعت على هذا النص لعزيز ضياء في كتابه الذي ذكرته قبل أسطر. يقول: في الحب لابد من باعث هو في الغالب التعلق بالجمال وما يدخل في معناه من الرقة، والوداعة، وحلاوة المعشر .. إلخ. والحب بهذا المفهوم، أو هذا المعنى محكوم بالضعف والضمور، ثم بالزوال.. بغض النظر عن رومانسية قصص الحب التي ملأت رحاب الدنيا كلها، فلا مجال للشك في أن لها نهاية ما. وهذا ما تتميز به علاقة المواطنة إذ يستحيل أن يطرأ عليها الضعف والضمور وهي مشاعر لا تنحصر في إنسان بعينه. وأغرب وأعظم ما في خصائصها أن لها المقدرة على ان تحتوي الجميع. تحتوي من تربطك به علاقة معرفة، ومن لم يسبق أن رأيته قط. وقد تكون مرتحلا في بلد فتسمع وأن تتسوق أو تتنزه أو تقف في انتظار الحالفة التي تنتقل بها=تسمع من يتحدث إلى آخر ، وتدرك على الفور أنه من مواطنيك. فإذا بك تمد يدك إليه تصافحه وترحب به. ليرحب هو أيضا بك. وكل منهما لم يسبق له أن رأى الآخر قط. إنها المواطنة: مشاعرها التي تنطق من مكامن في النفس لا ترتبط بمكان أو زمان. وهي أشبه بالغريزة التي تحكم النفس متجاوزة حدود العقل والمنطق والإرادة“. والمعنى واضح صريح وإن اختلفنا في تسمية ما يصف الكتابُ هنا. ويحضر ذهني عددٌ من الأصدقاء الذين جمعتني بهم الصدفة في تقاطع مزدحم، أو بهو فندق بعيد. ثم تصافحنا ثم أخذ الحديث منا الوقت ثم تبادلنا الأرقام. ثم ألتقينا. تم تصاحبنا. وما زلنا حتى اليوم. وهذا أمر تدفعك إليه الغربة وكل غريب للغريب نسيبُ“. 


عندما أركب الطائرة في الرحلات الطويلة أشعر في كثير منها بالرغبة في أن تطول الرحلة. فتدخل نفسي في حالة من غياب الزمان والمكان. صوت الطائرة الرتيب والانقطاع عن كثير من الحياة والانطلاق في الفضاء  الرحب يدخلني في حالة شعورية أود أحيانا أن تطول. وأتعجب من هذا الشعور من نفسي حين استيقظ بعد نومة طويلة فأجد الشاشة تقول أن الهبوط سيكون بعد ساعة أو ساعتين. هل هو رهبة من العودة للحياة والروتين. خشية من الالتزامات والمشاغل اليومية المعتادة. هروب نحو اللاشيء في هذا الفضاء الواسع؟. ومع هذا أقول في نفسي اللهم لا تجعلني ممن يقول: ”ربنا باعد بين أسفارنا“.


أردد دائما كما ذكرتُ هنا أن أمريكا تستعصي على الفهم والإدراك. فهي خليط من تناقضات عجيبة. أظن أن من أدق ما وقعت عليه في توصيف أمريكا توصيفا دقيقا هو ما كتبه المسيري في أجزاء كثيرة من كتابه: ”رحلتي الفكرية“. زيارتي الأخيرة لأمريكا هذا العام ١٤٤٦ هـ بعد غياب لم يكن قصيرا جعلتني اتساءل مرة أخرة وأتأمل وأتفحص هذا البلد العجيب المتناقض. وخصوصا مع التغيرات المجتمعية والثقافية الأخيرة المصاحبة لظاهرة ترمب وصعود نسخة مختلفة من اليمين. والأيام دول. والحضارات تتوالى وتتساقط. ”وتلك الأيام نداولها بين الناس“! 



بوسطن - شوال ١٤٤٦ هـ 


تعليقات

ضع بريدك هنا ليصلك ما ينشر في هذه المدونة من وقت لآخر..

* indicates required

الأكثر قراءة