سبعة كتب - ٤

 


خواطر وانطباعات عن كتب قرأتها في الفترة القريبة وليس بين هذه الكتب من رابط إلا الفترة الزمنية أو قربها من الذاكرة. وتعمدت أن تكون من الذاكرة دون أن أعود للكتاب حتى تكون صورة عامة مما انطبع في الذاكرة عن هذا الكتاب أو ذاك. وإن عدت فإنما أعود لمقتطفات دونتها أثناء قراءتي الأولى للكتاب. آمل أن يجد القاريء فيها ما يستحق.



١) مذكرات سائح في الشرق: أبو الحسن الندوي 

المذكرات من ألذ الكتب. وقد تمنحك قراءة من الحكمة والتجربة ما لا تجده في غالب غيرها من الكتب. غير أن هذا الكتاب ليس من نوع المذكرات التي تعجبني. لا تشدني المذكرات التي تروي الأحداث اليومية فهي إذن يوميات والقيمة فيها قليلة. وكذلك كان هذا الكتاب. أعجبني لقاؤه السريع بمحمود شاكر وباحمد أمين. وصور الكتاب جانب من تدفق الحياة الثقافية والتنوع العميق الذي يتلاشى. 


٢) السكك الحديدة السرية: بولسون وايتيهد

إن كنت لا تفهم الصراع العرقي في أمريكا فاقرأ تاريخ العلاقة بين السود والبيض في أمريكا. واقرأ تاريخ العبودية الذي قد يكون من أسوأ الجرائم التي ارتكبها مجتمع كامل في تاريخ الإنسانية، والرواية تبدأ أحداثها في مزرعة سيد أبيض مليئة بالسود العاملين فيها وتحاول أن تحاكي الطقوس اليومية وأصناف العذاب التي تُصب على هؤلاء المساكين الذي أخذوا عنوة من ديارهم. والطفلة - الشخصية البارزة في الرواية - عرفت العالم قبيحا متوحشا وحاولت الهرب من قسوة الأبيض السيد فانفرط عقد من المآسي والأحداث القاسية.

والرواية تبقى رواية لكنها جزء من صورة شاملة تشكل فهم السود للعلاقة الحالية والتاريخية بينهم وبين الأبيض. وإن كنت تظن أن الصراع العرقي في أمريكي مؤقت ومتعلق بالخلافات السياسية بين الأحزاب فتأمل في ظنك هذا وراجعه. فالمسألة شائكة ومعقدة وسيبقى هذا الصراع طويلا. ومهما ارتكب السود في مظاهراتهم من جرائم فالتاريخ والواقع - مع الأسف - مليء بالمبررات ليزدادوا عنفا وجريمة مع أي دافع. 



٣) أوراق العمر - سنوات التكوين: لويس عوض: 

عرفت لويس عوض عن طريق أباطيل وأسمار لمحمود شاكر رحمه الله. وقد سلخه محمود شاكر سلخا وعراه، ورغم العلاقة الحادة بينهما إلا إن لويس عوض لم يذكر محمود شاكر في هذا الكتاب ( أكثر من ٦٠٠ صفحة ) إلا مرة واحدة بتلميحة ناقدة. 

ولا أبريء نفسي فقد كنت أقرأ هذا الكتاب وأنا تحت سطوة محمود شاكر ورأيه في لويس عوض وفي كل حال الكتاب ليس أطروحة أدبية بل كان يروى فيه حياته ومذكراته منذ طفولته. وفيه صورة الأسرة المسيحية في المحيط العربي وكيف ينشأ الشاب المسيحي العربي مختلفة عنه. وفيه رصد تاريخ موجز ومتفرق للأحزاب السياسية المصرية والحالة قبل سقوط الملكية. والعلاقة بين البلاط والأحزاب والمثقفين. واستظرفت كثيرا حرص العقاد على دعوة لويس عوض بـيا مولانا، ونفسه لويس عوض كان يستغرب من هذا النداء. 

وقبل أن تقرأ هذا الكتاب اقرأ كتاب أباطيل وأسمار لمحمود شاكر وتأمل علو اللغة وروعة البيان وسطوته وخصوصا عندما يكون بيد من رزقه الله العلم والفهم. 


٤) قراءة القراءة - فهد الحمود 

كتاب خفيف لطيف. وفيه إشارات لطيفة متعلقة بالقراءة. يذكرني بالقراءة المثمرة للبكار. والقراءة السريعة وتنمية الاستيعاب للرفاعي، والمشوق لطلب العلم للعمران. وفيه من الثلاثة. 


٥) لماذا نحن هنا؟ - إسماعيل عرفة. 

في تصوري أن الكتب التي تتحدث عن مسائل الإيمان والشك ووجود الله .. إلخ. تصلح لمن قد تورط. ولا تصلح لمن لم يُبتلى  بهذه التساؤلات. وهذا الكتاب يضاف إلى كتب كثيرة في هذا المجال وقد اجتهد المؤلف جزاه الله خيرا في تقصي أكثر الأسئلة التي تعرض على كثير من الشباب. وكثير منهم يقف ولا يقرأ ولا يبحث عن إجابات. ويميزه عن كثير من غيره من الكتاب المعروفة في هذا المجال هو استدلاله بدراسات وعلماء معاصرين ممن له رأي معارض للتطور وعدم وجود خالق. وله كتاب آخر اسمه الهشاشة النفسية لم اطلع عليه بعد. 


٦) العلماء العزاب: عبدالفتاح أبو غدة. 

وهو كتاب خفيف ظريف في ١٥٠ صفحة تقريبا. وكان باعث المؤلف على تأليف هو رغبته في تنبيه الشباب على غلاء العلم عند العلماء وحظوته في نفوسهم. وهذا الكتاب أبعثه للأصدقاء العزاب من باب التطمين والتثبيت - والسخرية أحيانا -. وقد قرأته قبل سنوات طويلة وأعدت قراءته قريبا ففيه فرائد وأبيات جميلة وهو متوفر على الشبكة. ومن العجيب أن لويس عوض في كتابه السابق ذكره أعلى هذه السطور، كان يروى عن أحد أساتذته في كامبردج كيف وبخه أشد التوبيخ حين علم برغبته في الزواج ، لأن الجمع بين العلم والزواج لايمكن - أو شيء قريب من هذا-!


٧) بنات إبراهيم: الفكر النسوي في اليهودية والمسيحية والإسلام 

مجموعة مقالات من ترجمة عمر بسيوني وهشام سمير. 

أغبط الباحثين في الجامعات الغريبة على ثقتهم المفرطة وتقحمهم مباحث فكرية لا تبلغ معرفة بعضهم بها معرفة طالب علم متوسط المعرفة. لكنها الجرأة على التأليف وحرية الرأي والجلد والاعتداد بالذات. ولو كان لدى بعض من أعرف من أصدقاء وأحباب بعض هذه الثقة، لرأينا نتاجا يفوق جودة ما يكتبه هؤلاء. والكتاب مجموعة مقالات ليس فيها في تصوري إضافة تستحق. ولا أدري ما الذي أعجب المترجمين في هذه المقالات ليترجموها. وقد كانت مقدمتهما أكثر قيمة من مقالات الباحثات”!.


هذه سبعة كتب. ولعل أستمر في نشر تدوينة مماثلة بتيسير الله وعونه.. 


صفر ١٤٤٢ هـ

فيرجينيا

____________________________




تعليقات

ضع بريدك هنا ليصلك ما ينشر في هذه المدونة من وقت لآخر..

* indicates required

الأكثر قراءة